الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة بينما حوّلت مصر بيت أم كلثوم إلى نزل 4 نجوم : تونس تهدم منزل الشابي و»تخون» أعلامها

نشر في  28 سبتمبر 2016  (11:30)

أثار هدم منزل الشاعر الكبير التونسي والعالمي أبي القاسم الشابي الكائن بمنطقة الشابية من ولاية توزر، جدلا كبيرا لدى عدد كبير من التونسيين معتبرين انّ ذاكرة تونس الثقافية قد فقدت بهذه الفعلة الغريبة معلما كبيرا  وسط الصمت المريب للأطراف الرسمية التي كان الأجدر بها التدخّل لوقف هذه «المهزلة» في حق تونس وشعبها وفي حق الدور الكبير الذي أداه الشابي في تاريخ البلاد..
وللتذكير فقد أثار الباحث أنس الشابي هذه القضية في السابق، منبّهاً وزارة الثقافة آنذاك إلى ضرورة اقتناء هذا المنزل وتحويله إلى متحف ومزار لشاعر الحياة ورمزها الذي زرع بقصائده نسائم الحرية في نفوس التونسيين..
أخبار الجمهورية ارتأت الخوض في هذا الموضوع مع عدد من متابعي هذه «القضية»...

منصف السويسي.. منزل الشاعر ليس ملكا لعائلته بل للوطن

استنكر المسرحي والفنان منصف السويسي قرار هدم منزل الشاعر أبي القاسم الشابي متسائلا عن خلفيات هذا القرار وعن أي منطق حضاري يستند، وكيف يسمح بهدم معلم تراثي ثقافي حضاري بقيمة شاعر تونس الأكبر والأوّل..
 وقال السويسي في تعليقه انّ منزل الشاعر لم يعد ملكا لعائلته بل يعتبر ملكا وطنيا وشعبيا على اعتبار انّه عندما نتجاوز الأمور القانونية العقارية فإنّ مرجع هذا البيت وحقوقه العينية تصبح متصلة بالأمر الحضاري والتراثي وليس بالملكية العقارية..
في سياق متصّل دعا السويسي وزير الثقافة الحالي خاصة انّه يعلم حرصه الشديد على المحافظة على المكاسب التونسية وخاصة منها الحضارية -على حدّ تعبيره-، دعاه إلى التدخّل بصفة شخصية وعاجلة، لإيجاد حل يليق بتونس الثقافة والحضارة بعد الإقدام على فعلة هدم بيت يعتبر معلما من المعالم الثقافية ذات الأهمية القصوى في تاريخنا المعاصر والتي لا يمكن أن نتعامل معها على أنها ملك عقاري وإنما على أساس ملك حضاري.

الثقافة هي الحلّ...

وقال محدّثنا انه بقدر اندهاشه لهذا السلوك ولهذه الإجراءات المتبعة فإنّه يعلم انّه جاء نتيجة التهميش الذي تعرفه الثقافة إلى حد الآن، مشيرا إلى أن اغلب السياسيين يعتبرون الثقافة أمرا لتزيين المناسبات غير واعين بأنّ معضلة تونس وأزمتها تكمن في إهمالها وفي المفهوم المتخلف الذي يكرّسه بعض السياسيين لها..

سنية مبارك: ليت تونس تقتدي بما فعلته مصر

بدورها أكدت وزيرة الثقافة السابقة سنية مبارك انّ الشاعر الكبير أبا القاسم الشابي لا يعتبر شاعرا تونسيا فحسب بل له بعد نضالي وسياسي واجتماعي، مشيرة إلى انّه وبخصوص مسألة هدم محل سكناه فتلك تعتبر من الأمور القانونية التي يعود قرار التصرّف فيها إلى مالكيه الأصليين بقطع النظر عن البعد الرمزي للشاعر الذي يعد شخصية وطنية وعربية ودولية على حدّ تعبيرها..
وبشأن تعليقها حول الأصوات الداعية وزارة الثقافة إلى إصدار قانون يجبر ورثة الفنانين والأدباء والشخصيات الرمزية في البلاد على بيع منازل هؤلاء لها لتحافظ عليها باعتبارها إرثاً ثقافياً لا يمكن التفريط به، قالت سنية مبارك انّ عديدا من الدول تتبع مثل هذه الإجراءات القانونية من بينها مصر التي حوّلت بيت المطربة أم كلثوم إلى نزل 4 نجوم تمّ ترقيم كل غرفة فيه بعنوان أغنية من أغانيها كما تمت المحافظة على قاعة الجلوس الأصلية به ليكون بذلك نزلا شبيها بالمتحف..
وقالت سنية مبارك في ذات مداخلتها انّ هذا الإجراء يمكن لتونس إتباعه بالاتفاق  مع الورثة والمالكين حتّى لا تكون هنالك قرارات فوقية مسقطة..

منصف المزغني: خبر يقول انّ داعش هي فكرة تعيش بيننا

من جهته اعتبر الشاعر المنصف المزغني انّ «مَحْو البيت الذي ولد فيه أبو القاسم الشابي هو خبر يقول إن داعش هي فكرة تعيش بيننا وفي وزارة الثقافة وفي البلدية، وفي آلة البلدوزر التي مسحت بيتا من أجمل البيوت التونسية التي صرخ فيها الشابي صرخة أغنية  الحياة الأولى»..
واعتبر إن ما حصل هو أمر مروّع، وكارثة حضارية، واجتماعية، وثقافية، وسياحية ، بكل المقاييس على حدّ تعبيره ...
وأضاف في ختام مداخلته قائلا إنه لا بدّ أن يمرّ  زمن قادم حتى تقدر الأجيال اللاحقة حجم هذه الكارثة ، وهذا الفساد الذي نحياه الآن على كل الأصعدة»..

والي توزر على الخط...

من جهته أكد والي توزر، منير الحامدي أن الخبر الذي تم تداوله مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص هدم منزل الشاعر أبي القاسم الشابي فيه الكثير من المغالطات.
وأضاف في تصريح إذاعي أن المنزل تعود ملكيته لورثة الشابي وأنهم قاموا بهدمه والتصرّف فيه منذ عشرات السنين، مشيرا إلى أنهم أحرار في اتخاذ قراراتهم، وفق تعبيره.
وأوضح والي توزر أن ضريح الشاعر أبي القاسم الشابي والكتابات والمخطوطات تحت تصرف وزارة الثقافة وهي محفوظة.
هذا وكان رئيس «مؤسسة الشابي»،عبدالله الشابي، حمَّل في وقت سابق، الحكومة التونسية مسؤولية حماية المنزل، مضيفًا: «إن عليها الآن أن تستعمل صلاحياتها القانونية (قانون المصلحة العامة) لإعادة بنائه بما يحافظ على إرثنا المادي والرمزي المكوّن لهويتنا الثقافية».
وبعيدا عما سبق ذكره علمنا ان رئاسة الجمهورية تعهدت بإنقاذ منزل شاعر تونس حيث سيتم اقتناء منزله وتحويله إلى متحف.

إعداد: منارة تليجاني